الحقونا

تلك الرسالة وصلتنى منذ ما يقرب الأربعة أعوام من الأخ العزيز ا/عمرو خالد ردا على رسالة بعثتها اليه بعنوان (الحقونا ) حدثته فيها عن بعض المشاكل التى واجهتنى ووجدتها فى كثير من أصدقائى حيث كنا نعانى من عواصف وأعاصير ما يسمى بفترة المراهقة؛ فقررت أن أعرضها عليكم بعد أن اختزلت منها المقدمة عسى الله أن ينفع بها أحدا ...

أخي الحبيب:

أعلم مدى صعوبة الثبات على الطاعة فى هذا الزمن الذي يمتلئ بالفتن ،

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر"

و لكن الله تعالى يقول:"و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين".

و كما تعلم أخى الكريم فإن الإيمان ليس مجرد إعلان المرء بلسانه أنه مؤمن،

وليس هو مجرد قيام الإنسان بأعمال وشعائر أعتاد أن يقوم بها المؤمنون،

وليس هو مجرد معرفة ذهنية بحقائق الإيمان،

لأن الإيمان في حقيقته ليس مجرد عمل لساني ولا عمل بدني،

ولا عمل ذهني و إنما هو في حقيقته عمل نفسي يبلغ أغوار النفس ،

ويحيط بجوانبها كلها من إدراك وإرادة ووجدان.

و لذلك فإن هناك بعض الوسائل التي تعينك على الثبات على الطاعة و سوف أعرض لك

إن شاء الله بعض منها .

و بداية أود أن أوصيك بالتوبة عن أي معصية و أذكر لك شروطها :

-التوقف فورا عن المعصية.

-الندم الشديد على فعل المعصية.

-معاهدة الله على عدم الرجوع لهذه المعصية أبدا.

فإذا التزم العبد بالشروط الثلاثة فيجب أن يكون على يقين من أن الله تقبل التوبة وغفر الذنب

إن شاء الله.

وإذا كان هذا الذنب فى حق من حقوق العباد ففي هذه الحالة يضاف للشروط الثلاثة السابقة شرط رابع لتقبل التوبة وهو:

أن يتم رد المظالم والحقوق إلى أصحابها.

فمن فعل هذه الشروط فيقينا تاب الله عليه فلو أكثر بعد ذلك من الحسنات تتحول السيئات التى فعلها أثناء الذنب إلى حسنات بمعنى أنه بالحسنات بعد التوبة لا يغفر الذنب فقط بل ويتحول بنفس قدره إلى حسنات.
وإن عاد العبد للذنب مرة أخرى ثم تاب توبة نصوحة تقبل توبته ويغفر ذنبه ولو عاد مائة مرة

(فقد جاء أعرابي للنبى (ص) فقال: يا رسول الله أرأيت إن فعلت ذنبا يكتب علي؟ فقال النبى (ص):نعم يكتب. فقال الرجل: أرأيت إن تبت؟ قال:يمحى.قال:أرأيت إن عدت؟.قال يكتب. قال:أرأيت إن تبت؟. قال يمحى. فقال الرجل: حتى متى يمحى؟ فقال النبى (ص)"إن الله لا يمل من المغفرة حتى تملوا من الاستغفار"

و هناك العديد من الوسائل التى تعين على الثبات منها :

-الدعاء بالثبات فقد كان أكثر دعاء) النبي (ـ صلى الله عليه وسلم ـ (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"والدعاء بالهدى "وقل عسى أن يهديني ربى لأقرب من هذا رشدا".

-إياك والفراغ فنفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية فحاول أن تشارك معنا أخى الكريم فى مشروعات صناع الحياة .

-عليك بالصحبة الصالحة فهى خير معين "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه "وعدم مصاحبة أصحاب المعاصى"ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا" .

-الإكثار من الإستغفار والتوبة .

-كثرة حضور مجالس العلم والإستماع إلى الشرائط وقراءة الكتب، والتفقه فى الدين ،يقول رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم : "فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد."

-زيارة القبور والقراءة عن الدار الآخرة.

-عدم رؤية ما يقسى القلب من البرامج والأغاني الفاسدة .

-البحث وراء سبب المعصية وعدم التواجد فى الأماكن التى تسهل عليك المعصية .

-المحافظة على الورد القرآني اليوم.

فاحفظ كل يوم ولو عشر آيات ،

وارتبط بمقرأة لتتعلم أحكام التلاوة ،

واحرص أن تكون من القوم الذين يجتمعون في بيوت الله لتلاوة القرآن ومدارسته فتحفهم الملائكة وتنزل عليهم السكينة ويذكرهم الله فيمن عنده .

2. حافظ على أذكار الصباح والمساء ،

وأكثِر من الإستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل.

3. حافظ على درس علم أسبوعي .

4. لابد أن يكون لك حظ من الليل ،

وابدأ الآن بركعتين خفيفتين،

واعتيادك ذلك سيكون عونًا لك على الحفظ بإذن الله ،

لأنَّ القراءة من حفظك لها شأن آخر.

5.احرص على الدعاء بعد صلاة الفجر إلى أن تشرق الشمس ،

وصلي ركعتي الضحى لتكتب لك كل يوم أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة.

وهكذا ابدأ في زيادة الطاعات والقربات لتحصن نفسك ،وتقربها أكثر إلى الله تعالى.

ولا يفوتنّك أخي الكريم الإكثار من ذكر الله ،

و قراءة القرآن ‏،

و المواظبة على الدعاء ،

حتى يَصرف الله عنك نوازع نفسك ونزعات الشيطان ،

و يطمئن قلبك "ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب".

وأهلا و مرحبا بك أخى الكريم فى أي وقت و أنا فى انتظار تواصلك الدائم معى بإذن الله.

أسأل الله تبارك و تعالى أن يهدينا و إياك إلى سواء السبيل وأن يجعلنا من الهداة المهتدين فإنه على ما يشاء قدير و حسبنا الله و نعم الوكيل.

والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.